تسعةَ عشر عامًا وقمر..
أنتهى عام آخر قبل عدّة أيام، أنتهى وأنا أملِك مذكرة مليئة بالكثير من الرسائل التي لا تصل ولا أملك الشجاعة الكافية لأجعلها تصل إلى اصحابها الذين هم أُمي وأبي وشقيقتيّ وأخي وجدتيّ من الطرفين وبعض من الأصدقاء الذين لم يعد يجمعني بهم سوى ذكريات قديمة. لا أعلم ما الغاية من وجودهم في أسطُري وأنا لا أشاركهم شيئًا منها رُبما لا أريد إسقاطهم سهوًا منيّ، أريد تذكيري بحُبهم دائمًا حين أنسى ذلك على الأقل، رُبما. هذه أول رسالة أكتبُها وتصل إلى صاحبتها - رُغم إنها ليست رسالة بالمعنى الحرفي- تصل إلى صاحبتها التي ستقرأها وتتفحصُها مئة مرّة، غالبًا بل بالتأكيد ستبكي حين تنتهي منها لديها هذه الموهبة تستطيع جعل من كل شيء عادي شيئًا حزينًا يتفطّرُ الفؤاد لأجله. إليها .. الفتاة التي تتأمل قمر هذه الليلة وهي تقول إنهُ هُنا لأجلي يعلم إنهُ ليلةُ يومُ ميلادي، وحين تُصادف وردة على الرصيف تقول هو أيضًا يعلم. الفتاة التي أصبحت إبنة التاسعة عشر عامًا وكل أمانيِها وأحلامِها حياة مُطمئنة فحَسب. إنها أنا تلك الفتاة.
سُرعة الأيام مُدهشة مازلتُ أذكُر ضحكتي الغريبة حين عرفتُ بأنني ولدتُ بهذا التاريخ غالبًا تخيّلتُني وأنا طفلة بحضنِ والديّ، و أذكُر ميلادي الرابع عشر حينما أحتفلوا بي أصدقائي بحفلة مُفاجئة علمتُ بها من قبله بمُدة ولم أخبرهم خشية أن يشعرون بالإحباط، أذكُره بتفاصيله من عُلبة الهدايا التي حصلتُ عليها إلى شعُوري بالحُب الممزوج بالإمتنان حينها لابد للمرء أن يشعُر بالإمتنان لمن يُذكر تاريخ ميلاده في ظل هذه الأيام المنسيّة ولا سيما لمن يحتفلُ به ولسان حاله " من الجيد إنك ولدت ". ثُم ميلادي السادس عشر لا أعلم لمَ كنتُ حينها أقول " ليته ميلادي الثامن عشر " ما الشيء المُدهش في الكبر! لا أفهم، ربما ظننتُ إنني سأمتلك الحُرية الكاملة حين أبلغ الثامنة عشر، الحُرية التي هي لاشيء سوى كذبة. و ميلادي الثامن عشر الذي لم أقتنع بعد بأن مرّ عليه عام اشعُر كما لو إنه بالأمس، أحتفلتُ به بمفردي في غُرفة بإنارة خافته وهدوء مُخيف جعلني اظن بأن العالم أجمع صمت لأجلي وكيكة الحفل كان هامبرغر لم يكُن هُناك شموع حتى!
بالأحرى أذكر جميع تفاصيل حياتي حتى تلك العاديّة التي لو كانت في حياةِ أحدٍ آخر بالتأكيد لكانت في الهامش، أذكرها جميعها مؤمنة بأن لجميعها يدًا بشكلٍ أو بآخر فيما أنا عليه الآن رُبما لستُ راضية على بعضُ الأشياء ولكنيّ أُحب ذلك، أُحب عدم الرضا ذلك الذي يشعرني دائمًا بأنّ عليّ أن أفعل ولا أتوقفُ ابدًا عن السعي لأنال ما ابغيه. وأُحب هذه الرغبة في الكتابة الذي يجعلُني أجعل من كل مناسبة عاديّة شيئًا مُدهشًا يبقى دهشته في داخلي لعام آخر. كلُّ عام وأنا بخير وأنا مُطمئنة وأنا أنا دون زيف ولا أيُّ مُبالغة فقط أنا التي أعتدتُها دائمًا تُشرق مع كلِّ صباح من جديد وكأن الشمس يشرُق في داخلها بل وكأنها هي الشمس -♡-.
تعليقات
إرسال تعليق